Published
1 an agoon
By
ربيع معروفيتتراوح أعداد الموظفين الأشباح في المغرب الذين يعملون في الدوائر الرسمية، بين 20 ألفاً إلى 80 ألف موظف يندرجون تحت البطالة المقنعة، وفق بعض التقديرات الرسمية المتضاربة.
إذ ينتمي إلى الإدارات الحكومية في المغرب موظفون يتلقون رواتبهم الشهرية ويستفيدون من الامتيازات، رغم غيابهم عن عملهم باستمرار دون مبررات قانونية.
يتصدّر على فترات متباعدة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2022، هاشتاغ #لا_للموظفين_الأشباح في المغرب، بعد نشر جريدة “الصباح” المحلية خبر رفض الوزيرة المسؤولة عن التحول الرقمي وإصلاح الإدارة، غيثة مزور، فتح تحقيق في فضيحة الموظفين المدنيين الوهميين.
كانت الصحيفة نشرت كذلك اتهامات حقوقية لـ”جهات عليا في الإدارات العمومية” بالتستر على هؤلاء الأشباح في صفوف الموظفين.
لم تقدم الحكومة المغربية الحالية منذ تشكيلها أي رقم رسمي شامل لعدد الموظفين الأشباح في المغرب الموجودين في الإدارات العمومية المغربية.
قال الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل، علي لطفي،: “تتضارب الأرقام حول الموظفين الأشباح في المغرب، وتتراوح ما بين 20 ألفاً إلى 80 ألف موظف شبح، وفق ما كشف عنه وزراء عدة في الحكومات السابقة”.
أضاف أن “ظاهرة الموظفين الأشباح أضحت مرضاً مزمناً تعاني منه الإدارات العمومية المغربية”، مؤكداً أن “انتشار هذه الظاهرة سببها الرئيس ضعف الحكومة، وتفشي ظواهر الفساد والريع، والمحسوبية والرشوة في إداراتنا العمومية”.
حقوقيون يتهمون الحكومة بالتقصير في محاربة الموظفين الأشباح في المغرب
كشفت وزيرة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، غيثة مزور، في يوليو/تموز 2023، أن “عدداً من القطاعات الحكومية حرّكت المسطرة القانونية (الإجراءات القانونية اللازمة) المعمول بها بحق 774 موظفاً شبحاً في سنة 2018”.
لكن عدد الإجراءات القانونية المُحركة ضد الموظفين الأشباح في المغرب تراجع في عام 2021، إذ “طُبقّ القانون المعمول به على 344 موظفاً فقط، وهو ما يُمثل 0.06% من موظفي الإدارات العمومية في المغرب”، وفق تصريح الوزيرة، خلال إجابتها عن أسئلة البرلمانيين بمجلس المستشارين (الغرفة الثانية للبرلمان).
أكدت الوزيرة أن “التغيّب عن العمل بصفة غير مشروعة هو إخلال بالالتزامات الوظيفية يترتب عنها تعطيل مصالح المرتفقين وإعاقة الاستثمار والإضرار بالمصلحة العامة”، مشيرة إلى أن استراتيجية الحكومة لمواجهة الموظفين الأشباح في الإدارة العمومية “تعتمد على عدد من الإجراءات، على رأسها الأجهزة الإلكترونية المُخصّصة لضبط دخول وخروج الموظفين”.
يعتقد رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، عبد الإله الخضري، أنه “رغم تفعيل مراقبة حقيقة لأداء موظفي الإدارة العمومية، ورغم تفعيل حملات كبيرة خلال السنوات العشر الأخيرة لمحاربة الموظفين الأشباح في المغرب، إلا أن الظاهرة لازالت متفشية”.
وأضاف الخضري، في تصريحه : “يمكن القول إن تلك الحملات لم تفلح سوى في الحد من 35% من الظاهرة حسب تقديري على ضوء تتبعي للموضوع، أغلبهم أحيل على التقاعد بدل المحاسبة”.
وشدد على أنه “في ظل غياب إرادة سياسية حقيقية للنهوض بالإدارة العمومية وبالخدمة العمومية، ومن هذا المنطلق، يصعب إزاء عوامل بنيوية شتى الحديث عن إصلاح الإدارة والقطع مع الوظائف الوهمية، إنه صعب المنال إلى حد الاستحالة”، على حد قوله.
أثارت رئيسة جماعة الرباط العاصمة، التي تنتمي إلى حزب رئيس الحكومة، أسماء أغلالو، جدلاً في البلاد عندما “اشتكت” من وجود موظفين أشباح في البلدية التي تترأسها.
خلال حلولها ضيفة على برنامج على القناة الثانية المغربية، أفادت أغلالو بأنه “من بين 3400 موظف في الجماعة، هناك فقط ألف موظف يقومون بمهامهم، فيما يتسلم 2400 موظف رواتبهم منذ سنوات، دون أن يؤدوا عملهم في مكاتبهم”.
رغم تصريحها العلني الذي أثار مطالب واسعة بإجراء تحقيق بالأمر، إلا أن عمدة العاصمة لم تقدم جرداً حتى الآن لأسماء هؤلاء الموظفين الأشباح في المغرب، ولم تقدم قائمة بأسمائهم أمام الرأي العام.
في حين يذهب رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، عبد الإله الخضري، إلى القول إن “الموظفين الأشباح في المغرب معضلة بنيوية في قطاع الوظيفة العمومية، لأنه ببساطة يعكس حجم الفساد الإداري المتفشي في الإدارة العمومية المغربية، ويستنزف أموالاً عمومية طائلة دون عمل ودون إنتاج”.
وشدد في حديثه على أن “المستفيدين من ذلك يتلقون حماية من مسؤولين وسياسيين يتهمون بالفساد، وجدوا ضالتهم في الإدارة العمومية التابعة للوزارات التي يشرفون عليها من أجل توظيف أنصارهم وأقربائهم”، على حد قوله.
وقال الخضري: “يمكن تسمية الوظيفة العمومية الريع الوظيفي، الذي تنهل منه الحركة السياسية في ظل عملية انتخابية مشوبة بالفساد والابتعاد عن هموم الناس؛ وهي بمثابة رشوة مقابل غض الطرف عن الإشكالات السياسية الحقيقية”.
يطلق وصف الموظفين الأشباح في المغرب على البطالة المقنعة – Ai
تسبب ظاهرة الموظفين الأشباح، إهداراً للميزانية المالية العامة للدولة، إذ تصل الخسائر إلى مليارات الدراهم، فيما يعاني فيه آلاف الشباب من حاملي الشهادات من البطالة، وتشتكي العديد من الإدارات العمومية من نقص في الموارد البشرية، ما يُعطل مصالح المواطنين.
يؤكد الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل، علي لطفي، أنه “في الوقت الذي يعاني فيه المغرب من ارتفاع معدل بطالة خريجي الجامعات، نجد بحسب تصريحات الوزراء، أن آلاف الموظفين الأشباح يتقاضون رواتبهم من الخزينة العامة للدولة، دون أن يضعوا أقدامهم في مكاتبهم، أو أن يقوموا بالوظائف المسندة إليهم”.
ولفت لطفي في حديثه إلى أن “الظاهرة لا تهم فقط الموظفين الصغار، أو زوجات كبار المسؤولين، بل أيضاً مسؤولين سابقين وبرلمانين ووزراء سابقين ومديري مؤسسات، تم إعفاؤهم ولم يتم تعيينهم في مناصب جديدة أو العودة إلى مقر عملهم السابق، علاوةً على موظفين يتقاضون تعويضات عن المسؤولية كمديرين أو رؤساء أقسام دون تعيينهم في مناصب محددة”.
وتابع الناشط النقابي أن “من المفارقات تساهل الحكومة بل نتهمها بتسترها عن الموظفين الأشباح، في حين أغلقت الأبواب على الدكاترة العاطلين عن العمل، ونزلت بقوة على المضربين من الموظفين عن العمل في إطار حقهم الدستوري، ولجوئها إلى تفعيل الاقتطاع من أجورهم بصفة غير مشروعة؛ لأن الإضراب ليس بتغيب غير مبرر عن العمل، بل حق دستوري وطريقة للتعبير عن الاحتجاج”.
وكانت ذكرت المندوبية السامية للتخطيط بالمملكة (الهيئة الرسمية المكلفة بالإحصاء) في بيان، أن معدل البطالة في المغرب “ارتفع إلى 12.9% خلال الربع الأول من 2023 مقارنة بنسبة 12.1% في الفترة ذاتها من 2022”.
أظهرت البيانات ارتفاع عدد العاطلين عن العمل في السوق المحلية بمقدار 83 ألفاً، ليبلغ عددهم على المستوى الوطني مليوناً و549 ألفاً.
وفقاً للبيان “زاد معدل البطالة في الوسط الحضري من 16.3% في الربع الأول 2022 إلى 17.1% خلال الربع الأول من عام 2023”.
كذلك “ارتفعت بطالة الأرياف إلى 5.7% صعوداً من 5.1 بالمئة على أساس سنوي؛ وبلغت بطالة الشباب في سن 15 – 24 عاماً إلى 35.3%”.
وأفاد البيان بأن “سوق العمل المغربية فقدت 267 ألف فرصة عمل خلال الربع الأول من 2023”.