Published
1 an agoon
By
خالد منيرتتواصل الحرب بين روسيا وأوكرانيا بلا نهاية واضحة تلوح في الأفق، وصارت بمثابة نزاع بين القوى الكبرى: معسكر غربي داعم لأوكرانيا، وآخر مؤيد لروسيا.
وقال الباحث البريطاني كون كوفلن، محلل شؤون الدفاع لدى صحيفة ديلي تليجراف، في تقرير نشره معهد جيتستون الأمريكي إن هجوم أوكرانيا المضاد لتحرير الأراضي التي احتلتها روسيا قد يستغرق وقتا أطول من المتوقع، لكن الهدف الأساسي المتمثل في إلحاق هزيمة ساحقة بموسكو لا يزال ضروريا إذا كانت هناك رغبة في ردع الأنظمة الاستبدادية الأخرى، مثل الصين، عن الشروع في أي أعمال عدائية مستقبلا.
ويضيف كوفلن أنه منذ أن أطلق الأوكرانيون هجومهم المضاد في الصيف، أحرزت قواتهم تقدما بطيئا، لكنه ثابت، في استعادة الأراضي التي احتلها الروس بعد أن شن الرئيس فلاديمير بوتين غزوه غير المبرر العام الماضي.
وخلص التقييم العسكري الأحدث للمسؤولين الأمريكيين إلى أن الهجوم الأوكراني، لا سيما في جنوب البلاد، قد اكتسب زخما كافيا لاختراق ما يسمى بخط سوروفيكين، وهو شبكة معقدة من المواقع الدفاعية التي سميت على اسم الجنرال الروسي الذي ابتكره.
ويرى كوفلن أن كييف بحاجة ماسة لاختراق خط سوروفيكين، على الأقل، للوصول إلى هدفها الرئيسي وهو مدينة ميكولايف الساحلية، وبالتالي قطع الجسر البري الذي يربط روسيا بشبه جزيرة القرم المحتلة.
ومع ذلك، أثار معدل التقدم البطيء الذي تحققه قوات أوكرانيا على أرض المعركة مخاوف بشأن توقعات كييف لهدفها الاستراتيجي طويل المدى، والمتمثل في طرد القوات الروسية من جميع أنحاء البلاد.
كما دفع المعدل البطيء للتقدم الساسة على ضفتي الأطلسي إلى التساؤل عما إذا كان من المجدي مواصلة دعم المجهود العسكري لأوكرانيا، أو بدلا من ذلك التركيز على التفاوض من أجل تسوية سلمية بين طرفي الحرب.
وفي هذا السياق، حظيت التعليقات الأخيرة التي أدلى بها فيجك راماسوامي، الذي يطمح للفوز بترشيح الحزب الجمهوري لرئاسة الولايات المتحدة في انتخابات 2024، بقلق كبير في كييف.
وجذب راماسوامي، وهو رجل أعمال /38 عاما/ ووافد جديد نسبيا إلى المسرح السياسي، الكثير من الاهتمام بسبب نهجه الجديد، حيث يدعو أوكرانيا إلى التنازل عن الأراضي لروسيا كجزء من حزمة سلام من شأنها أيضا أن تلزم موسكو بإنهاء تحالفها العسكري مع بكين.
وحجة راماسوامي الأساسية، التي تجذب الدعم في بعض الدوائر الجمهورية، هي أنه من خلال دعم المجهود الحربي الأوكراني، تخاطر الولايات المتحدة وحلفاؤها بإجبار موسكو على الانحياز بشكل أوثق إلى بكين، وبالتالي خلق تكتل قوي في مواجهة الغرب.
وتبنى نفس وجهة النظر مذيع شبكة فوكس نيوز السابق تاكر كارلسون، الذي حذر من أن حرب أوكرانيا “تدفع الروس إلى أحضان الصينيين”.
وكان حاكم فلوريدا رون ديسانتيس، وهو منافس بارز يسعى إلى الفوز بترشيح الحزب الجمهوري، خرج عن الصفوف في وقت سابق هذا العام وقال إن حماية أوكرانيا ليست مصلحة أمريكية حيوية.
وكما ذكر جاستن لوجان، مدير دراسات الدفاع والسياسة الخارجية بمعهد كاتو للأبحاث مؤخرا، تخاطر الآراء التي يتبناها راماسوامي وغيره من الجمهوريين البارزين باجتذاب الأمريكيين العاديين الذين سئموا من تمويل الحرب.
ورغم أن هذه الحجج أثارت بشكل مفهوم، قلق كييف، حيث يدعو الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الغرب إلى تعزيز دعمه للجيش الأوكراني، وليس تقليصه، فشلت أيضا في الاعتراف بالأهمية الحيوية لإلحاق الهزيمة بروسيا من أجل مستقبل أمن الغرب.
ويرى كوفلن إنه لولا استسلام الولايات المتحدة لأفغانستان في آب/أغسطس من عام 2021، لما غزت روسيا أوكرانيا أبدا: فلم يبدأ بوتين في إرسال قوات إلى الحدود الأوكرانية ببطء إلا بعد بضعة أسابيع في شتنبر الماضي.
وفي الآونة الأخيرة ، بدأت الصين إرسال السفن والطائرات المقاتلة صوب تايوان، بنفس الطريقة المتصاعدة ببطء ، “لتطبيع” تحركات القوات وتجنب إثارة القلق. ولا تستطيع الولايات المتحدة ببساطة تحمل هزيمة أخرى، وهذه المرة في أوكرانيا. وسينظر المجتمع الدولي إلى استسلام أي أرض أوكرانية في “صفقة” ما لإنهاء الحرب على أنه انتصار لبوتين وعملية هروب أمريكية أخرى عاجزة.
وحتى الآن، ووفقا لأحدث التقييمات الاستخباراتية الغربية، فإن الدعم الغربي لحملة أوكرانيا العسكرية قد أدى إلى خسارة موسكو لما يقرب من نصف قدرتها القتالية الإجمالية في الصراع. وكلما طال أمد الحرب، أصبحت قوة روسيا العسكرية التقليدية أكثر تدهورا، مما يحد من قدرتها على شن تهديد عسكري كبير للغرب. وستظل روسيا تحتفظ بأكبر ترسانة نووية في العالم، لكن قدرتها على تهديد جيرانها بالوسائل التقليدية ستكون مقيدة بشدة.
وعلاوة على ذلك، فإن فكرة أن الدعم الغربي لأوكرانيا سيجبر موسكو على إقامة علاقات أوثق مع الصين، مبالغ فيها أيضا. وربما يكون الرئيس الصيني شي جين بينج قدم دعمه الضمني لغزو بوتين لأوكرانيا العام الماضي، لكن بكين تعتبر موسكو، إلى حد كبير العلاقة السيئة، في تحالفهما، وترى أن روسيا ليست أكثر من محطة وقود تستخدم لتغذية الاقتصاد الصيني. ويقول كوفلن إنه إذا كانت روسيا تعتقد بشكل جدي أن مصالحها ستتلقى خدمة أفضل من خلال تطوير علاقات وثيقة مع الصين، فعليها أن تعيد التفكير.
وهناك عامل مهم آخر يجب أن يؤخذ في الاعتبار وهو تأثير هزيمة روسيا في أوكرانيا على الأنظمة الاستبدادية الأخرى، مثل الصين، التي تغريها احتمالات استخدام القوة العسكرية لتحقيق أهدافها القومية.
وحال نجح بوتين في الاستيلاء على مساحات شاسعة من الأراضي الأوكرانية بقوة السلاح، ستخلص الصين إلى أنها تستطيع استخدام تكتيكات مماثلة لتحقيق أهدافها الخاصة، مثل شن غزو على تايوان. ولكن إذا هزم بوتين، فسوف يكون لزاما على حكام الصين الشيوعيين أن يعيدوا التفكير قبل شن هجوم عسكري غير مبرر.
ولا يزال هناك عامل آخر يهدد بتقويض الدعم الغربي لأوكرانيا وهو عدم موثوقية نهج إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تجاه الصراع. فمن ناحية، لا يزال البيت الأبيض ملتزما بدعم القضية الأوكرانية، ومن ناحية أخرى، يبدو أن الإدارة مرتبكة بشأن تحديد أهدافها النهائية في الصراع. وكما قال الجنرال الأمريكي المتقاعد جاك كين مؤخرا في مقابلة مع قناة فوكس نيوز، يشير سجل إدارة بايدن الحالي إلى أنها لا تزال تفتقر إلى هدف استراتيجي في الصراع.
واختتم كوفلن تحليله بالقول إنه إذا كان هذا هو الحال، فمن أجل صالح الأمن في الغرب، تحتاج الإدارة إلى الاتفاق على نهاية اللعبة للصراع الأوكراني، حيث تصبح هزيمة روسيا المهينة على أيدي القوات الأوكرانية المدعومة من الغرب الهدف الرئيسي.