Published
1 an agoon
By
خالد منيرقد لا يبدو هذا السؤال مصيريا، ولكنه بالقطع يشغل ذهن كثير من الامهات في مستهل تجربة الأمومة: “هل من الافضل أن تنام الأم بجوار طفلها الرضيع؟”.
يرى فريق من الباحثين في كندا أن اتخاذ هذا القرار لابد وأن يستند إلى حقائق علمية من مصادر موثوقة، وأن يأتي بعد التشاور مع الزوج، ويعتقدون أن المشكلة في هذه المسألة تكمن في أن هناك أكثر من مدرسة أو رأي متعارض بشأن ترتيبات نوم الأطفال حديثي الولادة، مما يضع الأسرة في دوامة من الحيرة قبل التوصل إلى القرار الصحيح.
وحرص الفريق البحثي المتخصص في مشكلات الطفولة المبكرة من جامعة كويبيك في مدينة تروا ريفير الكندية على توضيح الإيجابيات والسلبيات التي تتعلق بنوم الأم بجوار طفلها حتى تستطيع كل أسرة اتخاذ قرارها على أساس علمي سليم. ويوضح الباحثون في البداية أن هذه المسألة تتم إما من خلال مشاركة الأم طفلها نفس الفراش، أو النوم سويا في نفس الغرفة.
وكانت دراسة كندية قد أظهرت مؤخرا أن حوالي ثلث الأمهات ينمن مع أطفالهن الرضع في نفس الفراش، وأن 40% من الأمهات لا ينمن مع أطفالهن في نفس الغرفة من الأساس. وكشفت دراسة أجريت في مقاطعة كويبيك في أواخر التسعينيات أن ثلث الأمهات ينمن في نفس الغرفة مع أطفالهن حديثي الولادة.
وتؤكد جمعية طب الأطفال الكندية أن “أكثر طريقة آمنة ينام بها الطفل خلال أول ستة شهور بعد الولادة هي على ظهره سواء داخل مهد أو على فراش مستقل في غرفة الأم”.
وتقول الباحثتان جابريل بويلارد وإيفيلان توشيت المتخصصتان في مجال التربية النفسية من جامعة كويبيك، في مقال علمي أورده الموقع الإلكتروني The Conversation المتخصص في الأبحاث العلمية إن هناك مدرستين تؤيدان فكرة نوم الأم مع طفلها، حيث تستند الأولى إلى أسباب طبية مثل الوقاية من المخاطر التي قد يتعرض لها الطفل أثناء النوم مثل الشعور بالاختناق أو الإصابة بمتلازمة الوفاة المفاجئة أثناء النوم، وتهدف المدرسة الثانية إلى تسهيل الرضاعة الطبيعية، وتعزيز قيم الترابط الأسري، وترى أن نوم الأم مع طفلها يعزز هذا المفهوم.
وأفادت دراسات علمية أن نوم الأم مع طفلها يشجع على الرضاعة الطبيعية، بل وأن الرضاعة هي السبب الرئيسي الذي يجعل كثير من الامهات يخترن النوم بجوار أطفالهن الرضع. غير أنه لا يوجد فارق بين ما إذا كانت الأم تنام بجوار طفلها على نفس الفراش أو في نفس الغرفة عندما يتعلق الأمر بالرضاعة. ووجدت دراسة علمية أن التقارب أو التواصل البدني بين الأم وطفلها يخلق انسجاما في إيقاع الساعة البيولوجية للاثنين، حيث يجعل الطفل ينام بارتياح أكثر ويجعل الأم أكثر انتباها لأي اضطرابات قد يتعرض لها الطفل أثناء نومه، وأكثر قدرة على تلبية احتياجاته بشكل اسرع.
وأظهر استطلاع للرأي خضعت له مجموعة من أولياء الأمور أن الأطفال الذين كانوا ينامون بجوار أمهاتهم في سن الرضاعة سواء في نفس الغرفة أو الفراش كانوا أقل شعورا بالتوتر في مرحلة ما قبل المدرسة مقارنة بالأطفال الذين ناموا بجوار امهاتهم لفترات تقل عن ستة أشهر بعد ولادتهم، وبحسب موقع The Conversation، أثبتت دراسة أخرى تراجع مستوى التوتر لدى الأطفال الذين ينامون بجوار أمهاتهم في سن 12 شهرا، مقارنة بالأطفال الذين ينامون في أماكن منفصلة أو مستقلة.
ومن ناحية أخرى، أكدت الباحثتان بويلارد وتوشيت أن الأطفال الرضع الذين ينامون بجوار أمهاتهم يستيقظون مرات أكثر خلال الليل، حيث أثبتت دراسة شملت أطفال رضع في سن ستة أشهر و12 و18 شهرا ينامون بجوار أمهاتهم في نفس الفراش أو نفس الغرفة أنهم يستيقظون لفترات أطول خلال الليل، مقارنة بالأطفال الذين ينامون بمفردهم. وخلال الدراسة، أكدت أمهات يشاركن أطفالهن الرضع الفراش أن هؤلاء الأطفال ينامون بشكل أسهل وأسرع، ولكنهم يستيقظون بشكل متكرر، ويؤكدن أنهن اخترن النوم بجوار أطفالهن بغرض تحسين طريقة نوم الأسرة بشكل عام.
ووجدت دراسة أخرى أن النوم بجوار الطفل لفترة أطول مثل أول عامين بعد ولادته على سبيل المثال يرتبط بقصر فترات نوم الطفل أثناء الليل، واحتياجه إلى نوم القيلولة عدة مرات على مدار النهار، مع درجة أعلى من صعوبة النوم.
وردا على سؤال بشأن ما إذا كان نوم الأم بجوار طفلها الرضيع يعزز الروابط بينهما، تقول الباحثتان إن هذه المسالة مثيرة للجدل وأن هناك أكثر من رأي يتناول هذه القضية. فبعض الدراسات تشير إلى أن رابطة أقوى تتكون بين الأم وطفلها عندما ينامان في نفس الفراش، فيما ترى دراسات أخرى أن نوم الأم بجوار طفلها خلال أول ستة أشهر بعد الولادة ليس له تأثير على الاطفال، لا سلبيا ولا إيجابيا، في تكوين روابط نفسية بين الاثنين.
وترى الباحثتان أنه بالرغم من أهمية توافر المعلومة العلمية الصحيحة من أجل اتخاذ القرار الصائب، فإن ترتيبات نوم الطفل الرضيع تتوقف في نهاية المطاف على اختيار الأبوين حسب ظروف وتفكير كل أسرة.