Published
5 mois agoon
By
لبنى جريدىأطل الممثل السوري مكسيم خليل في بطولة مسلسل قصير مكوّن من عشر حلقات، تحت عنوان “ترتيب خاص”، أخرجه الشاب ميار النوري في تجربته الدرامية الأولى، وعُرِض على منصة أمازون برايم بعد أكثر من عام ونصف على تصويره.
قدّم ميار النوري تجربته الإخراجية الأولى بذكاء، ليفاجئ المتابع بنقلات نوعية مميزة بين المَشاهد، إذ اعتمد اللون الوردي ثيمةً أساسية للعمل. ورغم أنه جاء مقحماً ببعض اللقطات، لكنه كان يعبر عن فكرة أساسية، وهي ربط أحداث المسلسل بشخصية “النمر الوردي” الشهيرة، على اعتبار أن بطل الحكاية، أحمد أصابيعي (مكسيم خليل)، شخص يخرّب حياة من هم حوله، ومن ثم يحاول إصلاح ذلك، إذ كان يمارس تصرّفات مسيئة لتحقيق مآرب شخصية، أبرزها الحصول على الشهرة. اعتمد النوري أيضاً موسيقى شبيهة بموسيقى النمر الوردي، وجعلَنا نعيش تلك الحالة من خلال كوادر ولقطات مميزة، فكانت التجربة الإخراجية تنمّ عن ميزة مهمة وفنان قادر على حجز مكان في عالم الإخراج، لا سيما أنها التجربة الأولى له، وقد ساعدته فيها بالطبع ميزانية قدّمتها الشركة المنتُجة، “فالكون فيلمز”.
تتحدث الحكاية عن أحمد أصابيعي، الرجل الذي يسعى إلى تحقيق الشهرة بأي وسيلة، حتى لو على حساب الناس؛ فيخرّب كل ما حوله تارةً، ويحاول أن يصنع الخير تارةً أخرى، ويصبح مؤثراً على وسائل التواصل الاجتماعي بعد عدة صُدَف ومستمسكات يهدّد بها من يقف في طريق حلمه في الشهرة.
القصة التي كتبها فؤاد يمين وميار النوري، ورغم أنها جديدة بعض الشيء على الجمهور العربي، لكنها جاءت مفككة، إذ تخلو من الانسيابية في عرض الأحداث، لتغدو وكأنها مجموعة اسكيتشات لا تخلو من الكوميديا، لا يستطيع المخرج ربطها بتناغم، بل ركز على الاستعراض البصري على حساب المحتوى. هكذا، تدخل شخصيات إلى العمل ثم تختفي فجأة، أو نشاهد تصرفات غير منطقية للشخصية من دون أن نعرف الدوافع، ولا حتى خلفيات الشخصيات لبعض تصرفاتها. كما كان أحمد مهووساً بأصابع أقدام النساء، من دون توضيح الغاية من طرح فكرة كهذه مثلاً، عدا عن الشتائم الواضحة التي أطلقتها الشخصيات في العمل من دون أن تقدم أو تؤخر في القصة.
افتقد “ترتيب خاص” إلى مقولة واضحة ذات أثر. ما يمكن استخلاصه لا يتجاوز فكرة أن العاملِين في مجال الصحة النفسية هم أنفسهم بحاجة إلى توجيه نفسي، إضافة إلى تعرية كذب وزيف بعض المؤثرين عبر وسائل التواصل الاجتماعي. لكن العمل بكامله لا يقدم فكرة لافتة للمشاهد، بل هو عبارة عن طرح مقتطفات بمَشاهد متنوعة لا تخلو من الكوميديا من دون أن تكون مضحكة في بعض الأوقات حتى.
قدم مكسيم خليل شخصية أحمد بحرفية عالية، أغناها بعبارات ولازمات ولغة جسد لافتة، ليضيف إليها عفوية ونوعاً من التعقيد النفسي، فيُحسَب له ذكاء ما قدم وأضاف على الشخصية، في حين جاءت شخصيات غابرييل يمين وناتاشا شوفاني ولين غرة وباقي الفنانين في العمل بمكانها الصحيح. لا نجد فناناً قدم شخصيته باستسهال، بل كان الجميع يؤدي بجدّ، بما يدل على قدرة ميار النوري على إدارة الممثل.
من ناحية أخرى، كان وجود بعض الشخصيات أكبر من أهميتها على الصعيد الفني، فلكي يدعم ميار المسلسل جلب والده الفنان عباس النوري في دور صغير جداً وغير مؤثر في الأحداث، فبَدا أكبر من قيمته الفنية. ورغم جودة أداء لين غرة، لكنها تختفي فجأة ولا تترك أثراً. ويقع الحق في هذا على النص بحد ذاته في الغالب، لكن الأداء كان جيداً ولم يُسئ إلى العمل، بل أضاف له نوعاً من الجمال غطى في بعض المواضع على تفكك القصة وضعفها.
يمكن القول إن مسلسل “ترتيب خاص” عمل درامي قصير ذو استعراض بصري جيد وممتع، ويضم ممثلين مهمين أدوا شخصياتهم بحرفية، لكن ذلك لم يشفع لضعف القصة وعشوائيتها، وعدم تركها أثراً ذا قيمة للجمهور، بل هي حكاية تمر مرور الكرام سردياً وتظل في البال بصرياً.