Published
4 mois agoon
By
ربيع معروفيتجري حاليا مناقشات على المستوى الأوروبي من أجل إدخال تغييرات على توجيهات البرلمان الأوروبي، لوضع القواعد المتعلقة بمنع دخول وعبور وإقامة المهاجرين بشكل يخالف القانون. لكن المنظمات غير الحكومية تنبه من خطورة المقترحات.
قدمت المفوضية الأوروبية مسودة إلى الدول الأعضاء الأخرى في الاتحاد الأوروبي في نهاية أيار/مايو، لتعديل التوجيهات الأوروبية المتعلقة بالحد من الهجرة غير الشرعية وتجريم الدخول غير القانوني إلى أراضيها. وستكون هذه المسودة بمثابة أساس لمزيد من المناقشات داخل المجلس، حيث تتولى هنغاريا دور الرئاسة حتى نهاية هذا العام.
المنظمات غير الحكومية تدق ناقوس الخطر، إذ اعتبرت منظمة “state watch” أن مقترحات مراجعة توجيهات عام 2002 ستؤدي إلى “تسهيل عملية تجريم الهجرة والتضامن”، وفقا لتحليل حديث أجرته منصة التعاون الدولي بشأن المهاجرين غير الشرعيين (PICUM). ونبّهت من أن سياسات مكافحة التهريب غالبا ما “تُستخدم ضد المهاجرين أنفسهم وتزيد من ضعفهم”.
فريق مهاجرنيوز أجرى مقابلة مع سيلفيا كارتا، مسؤولة المناصرة في منصة التعاون الدولي، التي توضح أن المناقشات ستستمر خلال الأشهر القادمة قبل التوصل إلى مسودة نهائية في غضون نهاية العام الجاري.
وإذا حازت صياغة المقترحات التي تعود إلى 31 أيار/مايو على الموافقة، فإن موقف مجلس الاتحاد الأوروبي (أحد المشرّعين المشاركين إلى جانب برلمان الاتحاد الأوروبي) سيتجه نحو تشديد معاقبة المذنبين “بارتكاب جريمة المساعدة والتحريض على الهجرة غير الشرعية”، أي أن السلطات الوطنية في الدولة الأوروبية ستتمكن من محاكمة أي شخص يشتبه في مساعدته وتحريضه على دخول أو عبور أو إقامة المهاجرين على أراضي الاتحاد الأوروبي، حتى من دون أي مكاسب مالية.
ما هي أهم الحالات التي يمكن أن يتعرض فيها المهاجرون للتجريم؟
نعتقد أن التعديلات تهدف بشكل رئيسي إلى توسيع أرضية تجريم المهاجرين أو الأشخاص الذين يقدمون الدعم لهم.
النقطة الأولى تكمن في تعريف الجانب المادي ضمن مفهوم التجريم، أي معاقبة أي شخص يساهم في إدخال المهاجرين مقابل منفعة مادية أو مالية. المشكلة هي أن المفهوم المادي غير محدد وواسع، على سبيل المثال فيما يتعلق بقيادة القوارب التي تستخدم للهجرة، فإذا وافق شخص على تولي القيادة أو حتى القيام بمهمات بسيطة مقابل حصوله على تخفيض في كلفة رحلة عبوره فإن ذلك يمكن أن يعرّضه للمحاسبة. فبالتالي أي نوع من المنفعة يمكن أن يدخل ضمن هذه الحالات.
وفي حالة المنفعة المادية، يمكن اعتبار ذلك كظرف مشدد وزيادة عقوبة السجن من سنة واحدة إلى ثلاث سنوات.
وبما أن التعريف واسع، فمن الممكن معاقبة الأشخاص الذين حصلوا على منفعة، حتى لو كانت بشكل غير مباشر، مثل قيادة سيارة على سبيل المثال، أو شخص ما قام بتأجير شقة للمهاجرين الذين ينوون العبور أو الذين دخلوا الأراضي بشكل غير رسمي.
والنقطة الثانية هي في المادة (3A-b) والتي تنص على تجريم نوع جديد من الممارسات حتى عند عدم تلقي أي منفعة مالية أو مادية، وذلك إذا كان تسهيل الدخول أو العبور أو الإقامة بشكل غير قانوني يمكن أن يؤدي إلى “التسبب في ضرر جسيم”.
ذلك يعني أنه يمكن أن ينطبق هذا الحكم على الآباء الذين يضطرون إلى القيام برحلات محفوفة بالمخاطر مع أطفالهم. في اليونان مثلا، وجهت السلطات اتهامات لوالد عبر البحر برفقة طفله الذي كان يبلغ من العمر ست سنوات، ولكن ابنه لم ينج من هذه الرحلة. واليوم يحاكم بتهمة تعريض حياة ابنه للخطر، ويواجه خطر السجن لمدة تصل إلى 10 سنوات.
وحتى في حالة خطر الغرق يمكن على سبيل المثال معاقبة مهاجر تسلّم قيادة توجيه المركب لحماية نفسه ومن معه من الركاب الآخرين. بالطبع تجريم هذه الحالات ليس جديدا للأسف، لكن من شأنه أن يتفاقم في ظل التشريع الجديد.
في عام 2023 وحده، واجه ما لا يقل عن 117 شخصا ملاحقات جنائية أو إدارية بسبب تضامنهم مع المهاجرين في الاتحاد الأوروبي، وتم تجريم ما لا يقل عن 76 مهاجرا بسبب عبورهم الحدود.
هل هناك استثناءات متعلقة بحالات التجريم؟
نعم، هناك بعض الاستثناءات المتعلقة بأعضاء العائلة، أي أنه من المفترض عدم معاقبة الأشخاص الذين يقدمون على بعض تلك الممارسات لمساعدة أحد أقاربهم. لكن الجديد في الأمر هو أن المقترح الجديد يضع ذلك الاستثناء ضمن لائحة الأمور غير الملزمة قانونيا. أي أنه يعود على الدولة تقدير الوضع. وبالتالي يمكن أن يتعرض الشخص للتجريم حتى في حالة مساعدة قريبه.
كما توجد استثناءات متعلقة بعدم تجريم الجهات التي تقدم ما يطلق عليه “الحاجات الأساسية” للمهاجرين، مثل الطعام والشراب. لكن المشكلة مرة أخرى تتعلق بعدم تعريف الحاجات الأساسية بشكل واضح. إضافة إلى أن هذا الاستثناء موضوع تحت بند التوصيات غير الملزمة قانونيا، أي أن الدولة من الممكن أن تقرر عدم تطبيق هذا الاستثناء.
هل هناك مخاطر جديدة على عمل المنظمات الإنسانية؟
فشل الاقتراح في تقديم لغة واضحة وملزمة تستثني المدافعين عن حقوق الإنسان من العقوبة الجنائية.
النص يشير إلى “دعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية” لكنه يستبعد الأنشطة المتعلقة بتوفير المعلومات ومراقبة حقوق الإنسان والمساعدة القانونية. ومن المحتمل أيضا أن يتم تفسير هذا التصريح بطريقة تقييدية، حيث لا يسمح إلا بالإجراءات الإنسانية التي تشكل التزاما قانونيا (مثل إنقاذ الأرواح في البحر).
ويُدخل المقترح نوعا جديدا من الجرائم يُعرّف بأنه “التحريض العلني” لمواطني الدول الثالثة على الدخول أو العبور أو الإقامة بشكل غير قانوني في الاتحاد الأوروبي.
وبالتالي، يمكن أن يتعرض للتجريم أي شخص أو جهة تقدم معلومات متعلقة بعملية عبور المهاجرين الحدود. لكن ذلك قد يعرض عمل الناشطين للخطر، وحتى المجموعات التي تقدم المشورة القانونية للمهاجرين. كما أنه يمكن أن يؤثر على حرية التعبير وعمل الصحافيين.
المشكلة تكمن أيضا في الصيغة اللغوية التي كتب في النص لأنها ليست محددة دائما وفيها ما نطلق عليه “نقاط رمادية”، أي أنها تبقى مفتوحة للتفسيرات ما يزيد من تعريض الأشخاص لخطر التعرض للتجريم حسب السياسة التي تنتهجها الدولة. أي إذا كانت الدولة تنتهج سياسة متشددة يمكن استخدام القانون بما يتناسب مع توجهها.
نهاية، الخطورة العامة في هذه التعديلات هي أن صياغة هذه المقترحات جاءت دون دراسة تقييم الأثر على الأشخاص أو تقييم الأثر المادي لتلك القواعد الجديدة.