Published
3 mois agoon
By
ربيع معروفييواجه الاتحاد الأوروبي الكثير من الضغوط لإعادة النظر في علاقاته مع النظام السوري من أجل مواجهة تدفق آلاف اللاجئين من هذا البلد إلى أوروبا وصعوبة ترحيل من رفضت طلبات لجوئهم، فيما تحذر منظمات حقوقية من خطورة ذلك.
تجددت الضغوط على قادة دول الاتحاد الأوروبي لإعادة النظر في علاقات بلدانهم مع الحكومة السورية حتى إذا كان التطبيع المحتمل مع دمشق سوف ينجم عنه إضفاء الشرعية على زعيم دولة ارتكب نظامه انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وأعمال قتل وتشريد طالت الملايين.
وفي هذا السياق، يقول خبراء إن حدوث نوع ما من المصالحة بين الحكومة السورية والاتحاد الأوروبي قد يكون غير مستساغ سياسيا، لكنه تحول سياسي لا مفر منه في ضوء تصدر قضية الهجرة الأجندة السياسية لدول التكتل خاصة مع تنامي قوة معسكر اليمين المتطرف.
وقد أخذت الحكومة الإيطالية الحالية تحت قيادة حزب “إخوان إيطاليا” اليميني الشعبوي، زمام المبادرة حيث قررت استئناف العلاقات الدبلوماسية مع دمشق.
ففي أواخر يوليو/تموز الماضي، أعلنت إيطاليا تعيين سفير في سوريا “لتسليط الضوء” عليها، مما يجعلها أول دولة من مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى تستأنف عمل بعثتها الدبلوماسية في دمشق منذ عام 2011.
وفي تعليقه، قال مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة أوكلاهوما، جوشوا لانديس، إن “أوروبا ستضطر في النهاية إلى أن تحذو حذو (إيطاليا) وتُقدم على تطبيع العلاقات مع الأسد”. وفي مقابلة مع احد القنوات، قال إن “الأمر لن يكون وشيكا، لكنه سيأتي”.
“فتح قنوات اتصال مع الأسد”
وسبقت خطوة روما، دعوة ثماني دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى إعادة النظر في استراتيجيتها وعلاقاتها مع سوريا. وفي بيان، أعرب وزراء خارجية إيطاليا والنمسا وكرواتيا وجمهورية التشيك وقبرص واليونان وسلوفينيا وسلوفاكيا، عن استعدادها لفتح قنوات اتصال مع الرئيس السوري بشار الأسد.
وجاء في البيان المشترك إن السوريين “لا يزالوا يغادرون بأعداد كبيرة، مما يزيد من الضغوط على الدول المجاورة في فترة يتصاعد فيها التوتر في المنطقة، ما ينذر بخطر موجات جديدة من اللاجئين”.
يُشار إلى أن إيطاليا وألمانيا وفرنسا كانت قد قطعت العلاقات مع دمشق عام 2012. ورغم أن السفير الإيطالي الجديد من غير المرجح أن يقدم أوراق اعتماده إلى الأسد في خطوة تحمل في طياتها استمرار روما في اتباع الإجماع الأوروبي، لكن القرار يهدف إلى توجيه السياسة الأوروبية لصالح الانفتاح على الحكومة السورية.
وفي حديث إلى ، قال آرون لوند، الخبير في شؤون الشرق الأوسط بمؤسسة “سينتشري فاونديشن” ومقرها نيويورك، إنه “من المؤكد أن إيطاليا تأمل في أن ترى دول أوروبية أخرى تحذو حذوها، لأنها تسعى إلى خلق زخم يفضي إلى تعديل سياسة الاتحاد الأوروبي بشأن سوريا”.
وأضاف “أعتقد أنه بمرور الوقت، ستزداد الضغوط (على دول الاتحاد الأوروبي) من أجل إعادة التواصل مع الحكومة السورية”.
وبحسب بيانات هيئة الإحصاء الأوروبية “يوروستات” فإنه جرى تسجيل 1.14 مليون طلب لجوء العام الماضي في الاتحاد الأوروبي ودول أوروبية أخرى بما في ذلك النرويج وسويسرا. وأشارت البيانات إلى أن اللاجئين السوريين يشكلون الأغلبية بأكثر من 181 ألف طلب لجوء.
وقالت الوكالة إنه في “عام 2023، قدم السوريون طلبات أكثر بكثير” بارتفاع بلغ نسبة 38 بالمئة مقارنة بعام 2022، مضيفة أن “هذا يمثل أقل بقليل من نصف عدد الطلبات المقدمة في عام 2015”.
وفي تقرير صدر في مايو/أيار الماضي، أفادت مفوضية الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان بأن العديد من السوريين يواجهون انتهاكات وتجاوزات جسيمة لحقوق الإنسان عند عودتهم إلى سوريا.
وفي تعليقه، قال مفوض الأمم المتّحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك إن التقرير “يرسم صورة مقلقة للغاية عن معاناة العائدين، لا سيما النساء منهم، في ظلّ تصاعد عمليات ترحيل السوريين من بلدان أخرى.”
وشدد على ضرورة “احترام حقوق اللاجئين وطالبي اللجوء بما في ذلك أن تكون العودة طوعية مع توفير شروط العودة الآمنة والكريمة والمستدامة”.
بيد أن الأسابيع الماضية قد شهدت صدور قرارين قضائيين في هولندا وألمانيا قد يمكن استخدمهما كحجة لصالح ترحيل طالبي لجوء. فقبل أسبوع، رفضت محكمة هولندية طلب اللجوء لامرأة سورية زارت بلدها ست مرات، عندما كانت لاجئة.
وسبق ذلك، صدور قرار من محكمة ألمانية قضى برفض منح صفة لاجئ أو حق الحماية الثانوية لطالب لجوء سوري بسبب “عدم وجود خطر يهدد حياة المدنيين في سوريا”.
وعلى الصعيد الأوروبي، مازال التكتل ملتزما بسياسته الرسمية المتمثلة في الدعوة إلى انتخابات حرة ونزيهة وانتقال ديمقراطي للسلطة في سوريا.
ومن جانبه، يشير مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة أوكلاهوما، جوشوا لانديس، إلى أن الاتحاد الأوروبي ينتظر على الأرجح إشارة من الولايات المتحدة حيال متى سوف تقدم على مراجعة سياستها بشأن سوريا.
وأضاف أن رغم ذلك، فإن هناك دلائل كافية تشير إلى أن موقف العديد من دول الاتحاد الأوروبي بدأت تتغير بالفعل.